تقدير موقف2016 -01


 

 

تطورات متسارعة:

بعد فترة من الهدوء الحذر بين الجمهورية الصحراوية والمملكة المغربية دامت حوالي عقدين من الزمن بدأت بوادر التصعيد تلوح في الأفق، خصوصا في السنة الحالية بعد جملة خطوات اتخذها المغرب لعل من أبرزها طرد بعثة الأمم المتحدة احتجاجا على تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، كما قرر المغرب إلغاء مساهمته المالية في نفقات مهمة البعثة والتي تبلغ قيمتها ثلاثة ملايين دولار.

هذا إضافة إلى اعتذار المغرب بشكل رسمي عن استقبال الأمين العام للأمم المتحدة بانكي مون خلال زيارة مغاربية قادته إلى كل من الجزائر وموريتانيا والصحراء.

لكن أكثر تلك التطورات ارتباطا بالواقع وملاصقة للميدان ما أقدمت عليه السلطات المغربية في الأيام الأخيرة من محاولتها تعبيد الطريق الذي يشق منطقة الكراكارات، وهو ما اعتبرته الجمهورية الصحراوية استفزازا وخرقا للاتفاقية العسكرية، وأبلغت الأمم المتحدة بامتعاضها من تصرفات المغرب..

غير أن تمادي المغرب في تعبيد الطريق وتجاوز آلياته الحاجز الحدودي في المنطقة الخاضعة للحماية الدولية دفع الحكومة الصحراوية إلى اتخاذ خطوة تصعيدية كردة فعل تصرفات المغرب، وذلك من خلال الدفع بمجموعة من الآليات العسكرية والجنود والعتاد إلى المنطقة ومحاولة إيقاف تعبيد الطريق الذي تشرف عليه المغرب.

 

المنطقة ليست بحاجة لأزمة:

لئن كان الوضع العام في الحدود الموريتانية الشمالية يرتهن للعلاقات المغربية الجزائرية عموما، والتناقض الحاد بين البلدين إزاء قضية الصحراء خصوصا، لعدة عوامل تاريخية وجغرافية وإيديولوجية فضلا عن العوامل الدولية، فإن موقف الحكومة الموريتانية لعب في الآونة الأخيرة دورا حاسما من خلال المواقف المتعددة من المغرب والجزائر والصحراء، وهو الموقف الذي قرأته مختلف الأطراف كل بحسب وجهة نظره ومصالحه.

وإذا كانت وفاة الزعيم الصحراوي محمد ولد عبد العزيز قد أحدث معادلة صعبة في الموقف من القضية الصحراوية بالنسبة للمغرب، واختارت اختبار موقف القائد الجديد، والذي يعد من الصقور الرادكاليين فإن التطورات الأخيرة في القضية أبانت عن هشاشة المنطقة وضرورة استمرار مجمل الأطراف في حال الحرب الباردة تخوضها منذ عقود.

وبشكل عام فإن المنطقة ليست بحاجة إلى أزمة جديدة في ظلت الأزمات التي تحيط بها بدء بالأزمة الليبية والحرب على الإرهاب في الشمال المالي والتوترات الحاصلة في منطقة الساحل وعلى الحدود الجزائرية، وهي كلها جبهات تفرض على مجمل الأطراف مستوى من التروي واللجوء إلى الحكمة والحوار والتفاهم.

لذا فإن الأمم المتحدة اعتبرت أن المملكة المغربية وجبهة البوليساريو انتهكتا خلال الأيام الماضية اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بينهما منذ العام 1991، وورد ذلك في وثيقة سرية مقدمة لمجلس الأمن تسربت لوسائل الإعلام.

 

هل إلى خروج من سبيل؟

إن التطورات التي حصلت مؤخرا في منطقة الكركارات بين وحدة عسكرية صحراوية وشركة مغربية يمكن أن تشعل فتيل أزمة وتزيد من التوترات التي تشهدها المنطقة، وإن كانت تجربة الطرفين الطويلة في الحرب تؤكد لكل منهما على أن الحل العسكري ليس الخيار المناسب، وأن قوة كل منهما ليست كافية لحسم الموقف، وأن الأضرار الناجمة عن خيار العنف ستكون أكثر فداحة، ولايمكن أن تجلب مصلحة للمنطقة ولا لشعوبها.

وانطلاقا من ذلك فإن مجمل الأطراف الفاعلة في الموقف سواء بشكل مباشر أو غير مباشر مطالبة الآن أكثر من أي وقت مضى بما يلي:

  • – السعي الحثيث لوقف التوتر بالمنطقة من خلال الجلوس لطاولة الحوار ونقاش المواقف بشكل هادئ وعقلاني
  • – على الحكومة الموريتانية أن  تواصل موقف الحياد الإيجابي وتلعب دورا مهما في التقريب بين الطرفين
  • – على  الأمم المتحدة السعي لتنظيم طاولة مفاوضات جديدة تؤسس لحل مقبول لدى الطرفين، مبني على المواثيق والنظم والمعاهدات الدولية، وينطلق من القرارات الأممية ذات الصلة.
  • – على جميع الأطراف أن تسعى لوضع آليات  تحد من الجريمة المنظمة وخصوصا تفشي الإرهاب في المنطقة، و تهريب السلاح و المخدرات، والاتجار بالبشر، وتكرس احترام قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بتقرير المصير.

 

مركز الساحل للخبرة والاستشارة

      أغسطس 2016

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *