وسائل تحييد جماعات العنف من خلال الحوار ورشة ينظمها الساحل للخبرة والاستشارة في المركز الموريتاني للتبادل و التكوين عن بعد


خلال العقود الأربعة الأخيرة، وبصورة خاصة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وما تلاها من تطورات، شكل الإرهاب أحد أهم العوامل المؤثرة بصورة حاسمة في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط؛ سواء من حيث أساليب ووسائل محاربة الظاهرة أو من حيث تطور العمليات الإرهابية واتساع نطاقها وتطور وسائله ، أو من حيث مدى توظيف خطاب الحرب على الإرهاب من طرف بعض الفاعلين ، أو دور ذلك التوظيف في تغذية بعض خطوط الخلاف التقليدية أو خلق صراعات وتوترات جديدة. هكذا فتحت أزمة الإرهاب الأبواب أمام أسئلة عميقة، تتعلق بمشكل الإرهاب ذاته وأسبابه ومعالم ظاهرته وضحاياه ومجالاته وأهدافه، أو تعلق الأمر بالحرب عليه من حيث أهدافها وآلياتها وتداعياتها والنتائج التي ترتبت عليها وتأثيرها على الخطاب السياسي والاجتماعي للقوى المتهمة بالإرهاب أو تلك المتصدية لمناوأته والحرب عليه.
وقد يكون من المفيد التنبيه الى أن معظم الدراسات والبحوث والندوات التي اهتمت بظاهرة الارهاب انشغلت- في اغلبها- بتشخيص الظاهرة ودراسة اسباباها دون ان تهتم بمحاولة تقويم أداء وفاعلية الحرب على الإرهاب، وأهدافها الملتبسة وغير المحددة ولا الثابتة، شأنها في ذلك شأن مفهوم الإرهاب نفسه. لكنها عموما تستهدف التضييق على ما يوصف بالجماعات الإرهابية، والحد من مستوى التعاطف الشعبي معها، وقطع مصادر الدعم المادي والمعنوي عنها؛ وبصورة عامة تجفيف منابع ما يسمى الإرهاب وشل فاعلية الجماعات التي تمارس تلك الأعمال وعزلها عن محيطها الشعبي. ولا يخفي بعض كبار الباحثين والسياسيين في المنطقة تخوفه من أن هذه الأهداف سرعان ما تحولت إلى أهداف سياسية واقتصادية بالنسبة للقوى الغربية بشكل خاص” فمن الواضح أن كثيرا من الدول ولوبيات المصالح وجدتها فرصة لتحقيق أهدافها في توسيع سيطرتها على مناطق نفوذ أو مناطق ثروات. وذلك مثل المناطق الغنية بالنفط في الشرق الأوسط أو الغنية بالمعادن في إفريقيا. لذلك فإن الجزء الأكبر من الحرب على الإرهاب سرعان ما تكون هي نفسها مولدة لمزيد من عوامل التوتر وعدم الاستقرار، المغذية بدورها للإرهاب” وفق تعبير وزير الخارجية المغربي السابق سعد الدين العثماني
وبنظرة موضوعية، فإن بعض هذه الأهداف قد تحققت جزئيا، خصوصا فيما يتعلق بقطع طرق التمويل التقليدية للجماعات التي توصف بالمتشددة، وكذا على مستوى تدمير مراكز الحشد والتدريب التي كانت تعتمد عليها التنظيمات الإسلامية المسلحة. لكن في المحصلة الكلية فإن العنف اتسعت دائرته، وازداد شراسة، وتنوعت أساليبه وباتت أكثر تطورا، وارتفع عدد ضحاياه، والأخطر من ذلك أن الجدل بشأن شرعية أساليب مواجهته أصبح أكثر حدة من ذي قبل. ومن هنا الحاجة إلى تقييم شامل لاستراتيجيات مواجهة ما يسمى الإرهاب لتدارك النواقص ومعالجة الاختلالات الحاصلة بغية ضمان قدر أكبر من احترام الشرعية والإنصاف وتجنب وضع مزيد من العراقيل في وجه مسار انتقال شعوب المنطقة نحو الديمقراطية ودولة القانون.
ولا سبيل إلى هذا الأمر الا بتجاوز أساليب تشخيص الظاهرة إلى مقترحات فعلية صادرة من أهل الخبرة والكفاءة وشاملة لكل المعنيين من خبراء وأمنيين وحتى من عايشوا الظاهرة عن قرب وهذا ما نسعى اليه في الساحل للخبرة والاستشارة من خلال مانسميه ورشات الخبراء التي سنخصص الجلسة الأولى منها لموضوع “وسائل تحييد جماعات العنف من خلال الحوار”.
وستتناول هذه الورشة وسائل الحوار التي استخدمت في السابق لتحييد بعض افراد هذه الجماعات ومدى نجاحها ومكامن النقص فيها،كما سنخصص جزءا مهما من الورشة للمقترحات الجديدة التي من شأنها تطوير هذا الاسلوب في محاربة هذه الظاهرة الفتاكه.
وسيشارك في الندوة خبراء مستقليين

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *